ذات مرة جاء إلى القاهرة رجل فارسي ليواجه بفطنته كل من في البلاط الملكي من الحكماء . وقال إنه في وطنه وزير عالم... أرسل ملك مصر في طلبه ، ورفع مكانته في البلاط لما ذاع عنه....ثم جاء كبار رجال الأزهر وقالوا للملك يا ظل الله على الأرض ! يا باب الحكمة وجوهرة الدنيا . دع هذا الأجنبي يسألنا سؤالا ، فإذا لم نستطع إجابته كان أعلم منا . ...
أما إذا لم يستطع أن يعجزنا فلا بدَ أن نلتمس إعاذته إلى بلده ).
وافق الملك ، وأمر نبلاءه أن يتلقوه في قاعة الاجتماعات .. وفي القاعة الكبيرة احتشد جمع هائل ، وحضر أعظم الناس ذكاءاً في البلاد .. نهض الحكيم الفارسي من مجلسه بأمر من الملك ، ثم أشار إليهم دون أن ينطق بشيء قط .. اختلط الأمر على أذكياء القاهرة وقالوا يا مولانا ..لا يمكننا أن نحدس بالذي يعنيه هذا العالم الفارسي ، فامنحنا مهلة لمدة ستة أيام حتى نتدارس الأمر بيننا ونحاول أن نفهمه).
أذن الملك لهم بمهلة الستة أيام ليحاولوا خلالها أن يكشفوا غوامض المشكل... مضى العلماء كل منهم إلى سبيله.
صار الشيوخ العلماء يسألون في المقاهي وفي المكاتب السؤال مرة بعد الأخرى (ماذا يمكن أن يكون الحكيم الفارسي قد عناه ؟ بماذا يمكن أن نجيبه ليعود إلى بلده ؟ ).
لحى العلماء طال اهتزازها ليل نهار ،ولم يهتد العلماء إلى جواب .. عندها قال أحد الشيوخ لنبحث عن شاب قروي لا صلة بالعلم ولنسأله عمَا قد تعنيه تلك الإشارة ، لعله بجهله يعثر على الجواب ).
خرج شيخ كبير إلى أسواق القاهرة ، فإذا به يصادف أمام أبواب الأزهر فلاحا جاء لتوه من الحقل ليبيع بيضة وبعض الجزر .. فأمسك الشيخ بكتفه قائلا: (تعال معي يا ولدي ، أريد أن أتحدث إليك ).
فزع الفلاح المسكين واربدَ وجهه، ثم أخفى البيضة وحزمة الجزر في قميصه ظنا أن الشيخ الكبير ذا اللحية الطويلة سيطلب منه أن يتخلى عنهما ..إذ لم يكن يدري ما يمكن أن يحدث للمرء في المدينة..
رأى الشيخ فزع الفتى فأسرع بملاطفته قائلا : (ما اسمك أيها الفتى الطيب)؟. ليخفف من روعه.
أجاب الفتى: (عبد الله ، أيها الشيخ الجليل).ثمَ أخذ يتساءل مع نفسه .. هل بإمكاني الهرب ونجاتي بالبيضة والجزر؟!..
قال الشيخ: ( اسمع يا عبد الله . أريدك أن تأتي معي إلى رجل فارسي لايتكلم إلاَ بالإشارة ، وأريدك أن تجيبه بالطريقة نفسها ، لأن هذا الفارسي قد تحدانا هنا في القاهرة ، وأنه لا يريد أن يتكلم بل يكتفي بالإشارة ، فإذا فعلت هذا ونجحت سأزيد مالك عدّة قروش ).
صاح عبد الله يا مولاي - دام عمرك – يسعدني كل السعادة أن أفعل كل ما تطلب ، فإني مدين بعدة قروش ، ولا أستطيع اليوم بيع جزري ولا هذه البيضة ).
قال الشيخ : عظيم يا فتى ! تعال معي لنلتقي ببقية الشيوخ والحكماء الذين ناقشهم الفارسي بلغة الإشارة ..
حينما رأى الشيوخ الفلاح القروي انهاروا من الضحك ، فقد كان منظره - بوجهه الخشن الطويل وقميصه المرقّع وقدميه الحافيتين ويديه الغليظتين ـ يثير السخرية والضحك... وبالرغم من ذلك ألقوا على ظهره عباءة طويلة ، وعلى رأسه عمامة ووضعوا خفين في قدميه ..والفلاح حريص على حزمة الجزر والبيضة حيث أخفاهما داخل قميصه قريبا من صدره. .. وبعد هذا اللباس قاد العلماء (عبد الله) إلى المعركة مع الفارسي في قاعة الاجتماعات.
جلس الملك على عرشه الرخامي وقد تحلّق حوله الوزراء والأمراء ، ثم قال بسم الله ..لنبدأ الآن المناقشة).
قرع العبيد الطبول وبعدها بدأت المناقشة.. نهض الفارسي من فوق حشيتّته وانحنى وجلس مرة أخرى .. والفلاح جلس هو الآخر أمام الفارسي على أريكة منخفضة دون أن يبدي أي اهتمام وكأنه في حظيرة للماشية ..
نهض الفارسي وأشار إلى الفلاح بإصبع واحدة ‘ فرد عليه عبدالله بأن أشار بإصبعين .. ثم رفع الفارسي يده عاليا نحو السقف لبضع ثوان .. فرد عليه عبدالله بأن وضع يده على الأرض .. ثمّ أخرج الفارسي صندوقا ففتحه واستخرج منه دجاجة وألقاها نحو الفلاح .. عبد الله وضع يده في قميصه وأخرج بيضته ورماها نحو الفارسي .. كل من في القاعة قد انحبست أنفاسهم وهم يراقبون ما يحدث..
هزّ الفارسي رأسه وقال للجميع انظروا لقد أجاب شيخكم على أسئلتي وأنا الآن تلميذ له ).
سرّ الملك لذلك وكافأ الفلاح بكيس من المال يكفيه ليعيش حياة طيبة شهورا عدّة .. رجع الحاضرون إلى بيوتهم وهم لايعرفون ما الذي حدث !!.
أثناء خروج عبد الله من القاعة وهو حامل كيس المال أمسك به الشيخ الذي أحضره ، وقال له أحسنت وأبليت أيها الفتى ، لكن خبرني : ماذا أردت أنت والفارسي من الإشارات أثناء المقابلة) ؟؟.
أجاب عبد الله : عندما أشار الفارسي بإصبعه نحوي وكأنه يقول لي سأدس إصبعي في عينك وأخلعها ،، فأجبته على الفور بإصبعي الاثنين ، وكأني أقول له وأنا سأخلع لك بإصبعيّ عينيك كلتيهماإذا فعلت بي هذا الأمر ).
ولما رفع الفارسي يده وأبقاها مرفوعة بضع ثوان ظننت أنه يقول : ( إذا غلبتني سأشنقك في سقف القاعة )..فأنا غضبت ووضعضت يدي على الأرض، وكأني أقول : ( إذا عاملتني على هذا النحو سأقذف بك إلى الأرض وأهشم مخك من رأسك ).
فلما رآني قد غلبته أخرج من جيبه ذلك الصندوق وأخرج منه الدجاجة وألقاها نحوي ، كأنه يقول لي أنا آكل أطيب اللحوم لحوم الدجاج ) وعلى الفور رميت أمامه البيضة وكأني أقول له وأنا أيضا آكل طعاما طيبا كالبيض المسلوق وما أشبهه)...... وقد أقنعته وقال أنه سيكون تلميذا من تلاميذي ..
أما الفارسي كان يهمّ بالعودة إلى وطنه أصفهان في أول قافلة .. فذهب الشيخ نفسه ليودعه .. فقال له: ( يا فارسي .. أخبرني كيف جادلك صاحبنا وهو لا يعرف كلمة واحدة من لغتك .. فماذا فهمت منه )؟
قال الفارسي : لقد كان فتاكم بارعا .. هو الوحيد الذي أجاب عن أسئلتي في كل البلاد التي زرتها ...فعندما رفعت اصبعي نحوه في المرة الأولى أردت أن أقول لا إله إلاّ الله وحده )وحين رفع صاحبكم إصبعيه فهمت أنه يقول الله ربي ومحمدرسوله ) ... وحين رفعت يدي عاليا نحو السقف لبضع ثوان ، وكأني أقول الله سبحانه يرفع السماء بلا عمد ) ، ووضع صاحبكم يده على الأرض وكأنه يقول إن الله رب الأرض كما هو رب السماء ) ..وعندما رميت نحوه الدجاجة لأقول له إن الله يخرج الحي من الميت ).. فأجاب بإلقاء البيضه وهو يعني : ( وأيضا الله سبحانه يخرج الميت من الحي )...حقا إن صاحبكم لذو عقل راجح ..
مضى الشيخ الأزهري وهو في غاية من العجب لما في الحياة من غرابة .. كيف استطاع رجلان مختلفان في التفكير كل هذا الاختلاف أن يتحادثا بالإشارة ويقنع كل منهما الآخر دون أن يعني كلاهما نفس الشيء على الإطلاق..
هذه القصة من المأثور الشعبي أو من الحكايات الشعبية في مصر يرويها أبناء الريف في مجالسهم وأسمارهم .. هؤلاء الناس ــ تعاليا على ما فرضته عليهم الظروف ــ يرون أن العلم وحده لا يكفي للوصول إلى الحقيقة .... وأن الفطرة السليمة يمكن أن تعوض في هذا السبيل عن العلم والثقافة ..أو يرونها على سبيل الفكاهه ليروحوا عن أنفسهم جرّاء ما أصابهم من تعب أو نصب خلال معايشتهم اليومية مع الطبيعة داخل الريف.
يوجد الكثير من القصص الشعبية يدور فيها هذا المعنى ، ونصادف فيها علماء أجلاء أو حكماء ذوي حكمة وخبرة ، قد واجهوا معضلا استعصى حلّه على أفهامهم ، فلجأوا ــ أو ساقتهم المصادفة ــ إلى إنسان بسيط لا حظّّ له من العلم فحلّ لهم بفطرته السليمة ما أشكل عليهم..
لكن الطريف في هذه القصة أن دور الفطرة هنا لم يكن في الحقيقة حلاّ للمشكلة بل إبرازا لما في الحياة من مفارقات تدعوا إلى العجب أو تثير الضحك ..أو سوء التفاهم .. فحل الفطرة للمشكلات التي تستعصي على العلم لا تكون إلاّ كحلول الأطفال لأي مشكل!!!.
أما إذا لم يستطع أن يعجزنا فلا بدَ أن نلتمس إعاذته إلى بلده ).
وافق الملك ، وأمر نبلاءه أن يتلقوه في قاعة الاجتماعات .. وفي القاعة الكبيرة احتشد جمع هائل ، وحضر أعظم الناس ذكاءاً في البلاد .. نهض الحكيم الفارسي من مجلسه بأمر من الملك ، ثم أشار إليهم دون أن ينطق بشيء قط .. اختلط الأمر على أذكياء القاهرة وقالوا يا مولانا ..لا يمكننا أن نحدس بالذي يعنيه هذا العالم الفارسي ، فامنحنا مهلة لمدة ستة أيام حتى نتدارس الأمر بيننا ونحاول أن نفهمه).
أذن الملك لهم بمهلة الستة أيام ليحاولوا خلالها أن يكشفوا غوامض المشكل... مضى العلماء كل منهم إلى سبيله.
صار الشيوخ العلماء يسألون في المقاهي وفي المكاتب السؤال مرة بعد الأخرى (ماذا يمكن أن يكون الحكيم الفارسي قد عناه ؟ بماذا يمكن أن نجيبه ليعود إلى بلده ؟ ).
لحى العلماء طال اهتزازها ليل نهار ،ولم يهتد العلماء إلى جواب .. عندها قال أحد الشيوخ لنبحث عن شاب قروي لا صلة بالعلم ولنسأله عمَا قد تعنيه تلك الإشارة ، لعله بجهله يعثر على الجواب ).
خرج شيخ كبير إلى أسواق القاهرة ، فإذا به يصادف أمام أبواب الأزهر فلاحا جاء لتوه من الحقل ليبيع بيضة وبعض الجزر .. فأمسك الشيخ بكتفه قائلا: (تعال معي يا ولدي ، أريد أن أتحدث إليك ).
فزع الفلاح المسكين واربدَ وجهه، ثم أخفى البيضة وحزمة الجزر في قميصه ظنا أن الشيخ الكبير ذا اللحية الطويلة سيطلب منه أن يتخلى عنهما ..إذ لم يكن يدري ما يمكن أن يحدث للمرء في المدينة..
رأى الشيخ فزع الفتى فأسرع بملاطفته قائلا : (ما اسمك أيها الفتى الطيب)؟. ليخفف من روعه.
أجاب الفتى: (عبد الله ، أيها الشيخ الجليل).ثمَ أخذ يتساءل مع نفسه .. هل بإمكاني الهرب ونجاتي بالبيضة والجزر؟!..
قال الشيخ: ( اسمع يا عبد الله . أريدك أن تأتي معي إلى رجل فارسي لايتكلم إلاَ بالإشارة ، وأريدك أن تجيبه بالطريقة نفسها ، لأن هذا الفارسي قد تحدانا هنا في القاهرة ، وأنه لا يريد أن يتكلم بل يكتفي بالإشارة ، فإذا فعلت هذا ونجحت سأزيد مالك عدّة قروش ).
صاح عبد الله يا مولاي - دام عمرك – يسعدني كل السعادة أن أفعل كل ما تطلب ، فإني مدين بعدة قروش ، ولا أستطيع اليوم بيع جزري ولا هذه البيضة ).
قال الشيخ : عظيم يا فتى ! تعال معي لنلتقي ببقية الشيوخ والحكماء الذين ناقشهم الفارسي بلغة الإشارة ..
حينما رأى الشيوخ الفلاح القروي انهاروا من الضحك ، فقد كان منظره - بوجهه الخشن الطويل وقميصه المرقّع وقدميه الحافيتين ويديه الغليظتين ـ يثير السخرية والضحك... وبالرغم من ذلك ألقوا على ظهره عباءة طويلة ، وعلى رأسه عمامة ووضعوا خفين في قدميه ..والفلاح حريص على حزمة الجزر والبيضة حيث أخفاهما داخل قميصه قريبا من صدره. .. وبعد هذا اللباس قاد العلماء (عبد الله) إلى المعركة مع الفارسي في قاعة الاجتماعات.
جلس الملك على عرشه الرخامي وقد تحلّق حوله الوزراء والأمراء ، ثم قال بسم الله ..لنبدأ الآن المناقشة).
قرع العبيد الطبول وبعدها بدأت المناقشة.. نهض الفارسي من فوق حشيتّته وانحنى وجلس مرة أخرى .. والفلاح جلس هو الآخر أمام الفارسي على أريكة منخفضة دون أن يبدي أي اهتمام وكأنه في حظيرة للماشية ..
نهض الفارسي وأشار إلى الفلاح بإصبع واحدة ‘ فرد عليه عبدالله بأن أشار بإصبعين .. ثم رفع الفارسي يده عاليا نحو السقف لبضع ثوان .. فرد عليه عبدالله بأن وضع يده على الأرض .. ثمّ أخرج الفارسي صندوقا ففتحه واستخرج منه دجاجة وألقاها نحو الفلاح .. عبد الله وضع يده في قميصه وأخرج بيضته ورماها نحو الفارسي .. كل من في القاعة قد انحبست أنفاسهم وهم يراقبون ما يحدث..
هزّ الفارسي رأسه وقال للجميع انظروا لقد أجاب شيخكم على أسئلتي وأنا الآن تلميذ له ).
سرّ الملك لذلك وكافأ الفلاح بكيس من المال يكفيه ليعيش حياة طيبة شهورا عدّة .. رجع الحاضرون إلى بيوتهم وهم لايعرفون ما الذي حدث !!.
أثناء خروج عبد الله من القاعة وهو حامل كيس المال أمسك به الشيخ الذي أحضره ، وقال له أحسنت وأبليت أيها الفتى ، لكن خبرني : ماذا أردت أنت والفارسي من الإشارات أثناء المقابلة) ؟؟.
أجاب عبد الله : عندما أشار الفارسي بإصبعه نحوي وكأنه يقول لي سأدس إصبعي في عينك وأخلعها ،، فأجبته على الفور بإصبعي الاثنين ، وكأني أقول له وأنا سأخلع لك بإصبعيّ عينيك كلتيهماإذا فعلت بي هذا الأمر ).
ولما رفع الفارسي يده وأبقاها مرفوعة بضع ثوان ظننت أنه يقول : ( إذا غلبتني سأشنقك في سقف القاعة )..فأنا غضبت ووضعضت يدي على الأرض، وكأني أقول : ( إذا عاملتني على هذا النحو سأقذف بك إلى الأرض وأهشم مخك من رأسك ).
فلما رآني قد غلبته أخرج من جيبه ذلك الصندوق وأخرج منه الدجاجة وألقاها نحوي ، كأنه يقول لي أنا آكل أطيب اللحوم لحوم الدجاج ) وعلى الفور رميت أمامه البيضة وكأني أقول له وأنا أيضا آكل طعاما طيبا كالبيض المسلوق وما أشبهه)...... وقد أقنعته وقال أنه سيكون تلميذا من تلاميذي ..
أما الفارسي كان يهمّ بالعودة إلى وطنه أصفهان في أول قافلة .. فذهب الشيخ نفسه ليودعه .. فقال له: ( يا فارسي .. أخبرني كيف جادلك صاحبنا وهو لا يعرف كلمة واحدة من لغتك .. فماذا فهمت منه )؟
قال الفارسي : لقد كان فتاكم بارعا .. هو الوحيد الذي أجاب عن أسئلتي في كل البلاد التي زرتها ...فعندما رفعت اصبعي نحوه في المرة الأولى أردت أن أقول لا إله إلاّ الله وحده )وحين رفع صاحبكم إصبعيه فهمت أنه يقول الله ربي ومحمدرسوله ) ... وحين رفعت يدي عاليا نحو السقف لبضع ثوان ، وكأني أقول الله سبحانه يرفع السماء بلا عمد ) ، ووضع صاحبكم يده على الأرض وكأنه يقول إن الله رب الأرض كما هو رب السماء ) ..وعندما رميت نحوه الدجاجة لأقول له إن الله يخرج الحي من الميت ).. فأجاب بإلقاء البيضه وهو يعني : ( وأيضا الله سبحانه يخرج الميت من الحي )...حقا إن صاحبكم لذو عقل راجح ..
مضى الشيخ الأزهري وهو في غاية من العجب لما في الحياة من غرابة .. كيف استطاع رجلان مختلفان في التفكير كل هذا الاختلاف أن يتحادثا بالإشارة ويقنع كل منهما الآخر دون أن يعني كلاهما نفس الشيء على الإطلاق..
هذه القصة من المأثور الشعبي أو من الحكايات الشعبية في مصر يرويها أبناء الريف في مجالسهم وأسمارهم .. هؤلاء الناس ــ تعاليا على ما فرضته عليهم الظروف ــ يرون أن العلم وحده لا يكفي للوصول إلى الحقيقة .... وأن الفطرة السليمة يمكن أن تعوض في هذا السبيل عن العلم والثقافة ..أو يرونها على سبيل الفكاهه ليروحوا عن أنفسهم جرّاء ما أصابهم من تعب أو نصب خلال معايشتهم اليومية مع الطبيعة داخل الريف.
يوجد الكثير من القصص الشعبية يدور فيها هذا المعنى ، ونصادف فيها علماء أجلاء أو حكماء ذوي حكمة وخبرة ، قد واجهوا معضلا استعصى حلّه على أفهامهم ، فلجأوا ــ أو ساقتهم المصادفة ــ إلى إنسان بسيط لا حظّّ له من العلم فحلّ لهم بفطرته السليمة ما أشكل عليهم..
لكن الطريف في هذه القصة أن دور الفطرة هنا لم يكن في الحقيقة حلاّ للمشكلة بل إبرازا لما في الحياة من مفارقات تدعوا إلى العجب أو تثير الضحك ..أو سوء التفاهم .. فحل الفطرة للمشكلات التي تستعصي على العلم لا تكون إلاّ كحلول الأطفال لأي مشكل!!!.